الحلقة الأولى :
هذا العنوان شاركت به في منتدى حواري مع اخواننا أهل السنة والجماعة من اجل التواصي بالحق وتذاكره بين افراد هذه الامة ، والموضوع في نظري مهم جدا لبناء قاعدة أساسية في العقائد وفي الحوارات مع اخواننا أهل السنة ، وهذه ثمرة تجربة تزيد على العشر سنوات في الحوار البالتوكي وحوار المنتديات .
ونشرتها على هيئة حلقات في الواتس اب ومن ضمن هذه القائمة فضلاء مشهود لهم بالعلم ومن أهل الاختصاص في العقائد من أجل المراقبة ، فالتمست منهم التأييد .
نبدأ الموضوع على بركة الله :
جميع المسلمين سنة وشيعة متفقون على أن عبادة الله تتحقق في اتباع أوامره وترك نواهيه وهذه الأوامر والنواهي مجموعة في النقل المتمثل في الكتاب والسنة .. واختلفنا في منهج الوصول إلى هذا النقل ، فمنهجنا نحن الشيعة هو اشتراط العصمة في المبلغ بعد رسول الله لتكتمل به الحجة البالغة ولضمان وصول النقل كما هو بلا اشتباه أو نسيان أو خطأ وبهذا المنهج يتحقق توحيد الله بالطاعة بينما اخواننا أهل السنة لم يشترطوا العصمة في المبلغ وهنا يأتي الاشكال وهو أن غير المعصوم يجوز عليه الاشتباه والنسيان والفهم الخاطيء بل حتى الميل النفساني والهوى وعليه لا تكتمل به الحجة البالغة لأنه ربما بلغ أمرا حسب فهمه ومراده هو ومخالفا لمراد الله ومراد رسوله وهذا بدوره يخدش توحيد الطاعة لله وحده فبدل أن نتبع أمر الله على مراده اتبعنا أمر غيره ومراد غيره ، وفلسفة المبلغ لدينا هو بمثابة القناة الموصلة لأمر الله فقط فوجب أن تكون هذه القناة سليمة من كل شائبة لضمان وصولها كاملة تامة ، لهذا جاء دور اعمال العقل قبل الوصول إلى النقل وهذا ما قصدت بالعقل قبل النقل ، وبعد الوصول إلى النقل فليس للعقل إلا التسليم والامتثال والطاعة ، كما في قوله تعالى ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) .
إن الله تبارك وتعالى حين خلق بني آدم خلقهم بلحاظ اللطف والرحمة ، لذا لم يتركهم هملا وإنما حباهم بالفطرة (سفينة النجاة الأولى) ليحميهم بها حتى تكتمل عقولهم ورشدهم عند البلوغ ليركبهم (سفينة النجاة الثانية) وهو العقل (الرسول الداخلي) ، ويبدأ العقل بالتفكر والتأمل في هذا الكون الفسيح وفي ملكوت الله العظيم فيتساءل بميله الفضولي من أين ؟ وإلى أين ؟ ولماذا ؟ طلبا للمعرفة واشباع النفس هداها ، ولن تستقر نفسه حتى يستيقن الجواب وهذا هو مبدأ اللطف والرحمة والتعريف بنفسه عز اسمه يريد بذلك جذبهم إليه جذبا مع ابقاء حالة الاختيار لديهم كما أراد الله لهم ذلك حتى يعبدوه باختيارهم وقناعتهم فيتحقق بذلك كمال العبودية لله وحده .
وكلما تقدم بالناس العمر تعرضوا للخطر أكثر لذلك أرسل لهم رسلا يحملون تعاليمه ليحميهم بها من سطوات الأفكار المنحرفة ليركبهم بذلك (سفينة النجاة الثالثة) سفينة الرسل ، وبعد الرسل يأتي دور الأوصياء وهم يقومون بنفس دور الرسل والفرق هو أن الرسول يأتي برسالة الوحي ويبلغ عن الله ، أما الوصي فيبلغ عن الرسول ويواصل تطبيقها في مقام القدوة والحفاظ عليها من التحريف وقيادة الأمة خصوصا وأن رسالة نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم رسالة عالمية إلى أن تقوم الساعة وهي خاتمة الرسالات ، وهذا الفعل ينسجم انسجاما كاملا مع فعل العقلاء والحكماء ، فكيف الحال بأحكم الحاكمين وبأرحم الراحمين وباللطيف الخبير ، فحاشاه أن يترك خلقه لمن يخطيء في التبليغ أو التطبيق أو يشتبه فيتعدد بذلك الآمرون (أمره وأمر غيره) وينخدش بذلك توحيد الله بالطاعة ، وكيف يكون ذلك والأمر والحكم كله لله وحده ، حتى رسول الله لم يسمح له بذلك إلا فيما أمر ، ألم تقرأ قوله تعالى ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ) . كيف والحال بمن هو دونه وكل الخلق دونه .
أرأيت أخي السني كم نحن أحرص على توحيد الله بالطاعة من أي منهج .
في الحلقة الآتية سأستعين بشكل توضيحي لكلا المنهجين اللذين اتخذتهما الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للوصول إلى النقل وسوف ترى بنفسك أي المنهجين أقوم وأصوب ، وأين مكمن الخلل الذي فرق الأمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق