الأحد، 26 يوليو 2020

قراءة في كتاب الحج



الحج ممارسة عملية لكمال التوحيد الخالص، فبعد أن وحدتَ الله تبارك وتعالى بالشهادة قولا، أصبحتَ من أهل الشرف والدعوة الخاصة لحضور بيته المعظم، لتمارس ذلك التوحيد في بيته، فلذا دعاك الله تبارك وتعالى إلى بيته لتجدد البيعة على كمال التوحيد عملا، ولو تمعنت في أفعال الحج ستجدها حجر في حجر، تطوف حول حجر وتسعى بين حجر وتقف على حجر وتحمل حجر لترمي به حجر، فما سر ذلك يا ترى، والحال بأن الجاهلية كانوا يعبدون الحجر؟

الفرق بينهما هو الفرق بين الإيمان الخالص والكفر الخالص، فالأول طاعة لأمر الله تبارك وتعالى، والثاني طاعة لأمر الهوى والشيطان، وفرق بين (لا يعصون الله ما أمرهم) وبين (أرأيت من اتخذ إلهه هواه)، إذن الطاعة محصورة في الإمتثال والتسليم المطلق لأمر الله ونهيه بغض النظر عن نوع الامر والفعل . 

إذن ما سر الحركة بين الحجر في الحج؟! 

هناك من العبادات للعقل فيها مسرح ويجد لها مقصد واضح كالصوم حيث الصحة للأبدان والشعور بجوع الآخرين وهكذا بالنسبة للصدقة حيث فيها المواساة والمساعدة للفقراء والمحتاجين، يعني فيها أمران امتثال لأمر الله وامتثال للأمر العقلائي المنسجم مع الفعل، فأراد الله تبارك وتعالى بعبادة الحج أن يبعد الانسجام العقلي عنها لتكون الطاعة خالصة تامة منفردة بأمره فقط، ليصبح العبد كالملائكة عندما أمرهم بالسجود لآدم سلموا وامتثلوا، لا كما وقع فيه إبليس عندما لم ينسجم عقله مع السجود لآدم رفض واستكبر، ومن جهة أخرى لكي يدرب العقل على حالة التسليم المطلق في حضرة الأوامر الإلهية (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)، ولكي لا يقول للمعصوم إذا أمره بأمر لا ينسجم مع مراده قال: أمنك أم من الله؟!! لذا تجد الكثير لا مشكلة معه في الامتثال مع الأمر الإلهي الذي ينسجم مع مراده وعقله ولكن بمجرد مخالفة ذلك الأمر مع مراده وعقله ومصالحه أصبح أكثر شيء جدلا، وانخدشت عنده حالة التسليم . 

ما سر المجيء إلى بيته والحال بأن الأرض كلها ملكه؟

ليشير الله تبارك وتعالى إلى قيمة الوصل ومقداره عند الموصول، فإذا أحببت شخصا فلا يكفي أن تقول له أحبك، وإن كانت درجة من درجات الوصل ولكن عندما تزوره سعيا فتلك درجة من الوصل أكبر، فمن ادعى حب النبي وآل النبي صلوات الله عليه وعليهم أجمعين فلا يكفي في وصلهم قولا ما لم تردفه بالمجيء إليهم سعيا، لقوله (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك) فلا بد من المجيء والسعي، وهذه إشارة أيضا إلى قيمة التواصل بين الارحام وبين الأحبة والاخوان، فلذا تقول لمن تحبه أجيك سعيا على الرأس لا على القدم مبالغة في حالة الوصل .  

وما سر الحجر تارة يكسب الشرف ويكرم بالطواف كحجر الكعبة المشرفة، وتارة يهان ويحقر برميه سبعا، كحجر العقبة، والحجر هو الحجر؟

كسب شرف المكان بالمكين والنسبة بالمنسوب، فحجر الكعبة كسب شرفيته عندما نسب إلى بيته عز وجل، وحجر العقبة كسب مهانته عندما نسب إلى الشيطان، وذلك تعبيرا حيا لحالة الولاء والبراء، فإذا قمت بتقبيل الشباك الذي يحيط بقبر رسول الله فذلك لشرف النسبة لحضرة النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آهل بيته وللتعبير عن حالة الولاء، وإذا تسابق الصحابة على ماء وضوئه تبركا فذلك لشرف النسبة، وإذا رد بصر نبي الله يعقوب عليه السلام برمي القميص على وجهه فذلك لشرف النسبة، وهكذا بالنسبة لتربة الإمام الحسين عليه السلام ولآثارهم صلوات الله عليهم أجمعين، لذا إياك أن تحقر أحدا من عباده لأنك لا تعلم مقدار نسبته إلى الله فلعله الأشرف والأقرب فتكون بهذا الذنب أبعد .  

✒️ صالح الرستم  .

الجمعة، 24 يوليو 2020

قراءة في كتاب الطبيعة


توازن الطبيعة العجيب قائم على حساب وتقدير الخالق المدبر لهذا الكون العظيم والمتناهي في الدقة والحكمة، ومن يجيد الاصغاء إليه ويتماشى معه يحصد الخير الكثير، والحكمة ضالة المؤمن، فجمال الصيف بحرارته ورطوبته وجمال الشتاء ببرودته ومطره وجمال الخريف والربيع باعتداله ورياحه، وبما أن جميع الكائنات مندكة ارادتها تحت ارادة المولى عز وجل ومنسجمة معها لذا فهي تحصد فوائد هذا التسليم والانقياد لهذه الارادة، وبقي أنت أيها الانسان الذي وهبك الله ارادة ميزك بها عن سائر خلقه إكراما للهبة الأولى وهي العقل، فالعاقل من جعل ارادته منقادة تحت ارادة المولى عز وجل لأنه أبصر الناظرين وأحكم الحاكمين، ومن شذ بإرادته عن تلك الإرادة الحكيمة فعليه أن يتحمل ويلاتها وخسائرها، وهذا بالضبط ما جنته علينا صرخة التكنلوجيا والعلم المستقل بإرادته عن تلك الارادة الحكيمة كاستقلال قارون بعلمه حين قال إنما أوتيته على علم عندي، وأخذت هذه الصرخة المجنونة تعبث في الطبيعة حتى جاءت بأكبر نكسة وكارثة في وقتنا الحاضر وهو تغيير خلق الله تلبية لوعود الشيطان الذي توعد بها الانسان بقوله (ولأضلنهم ولأمنيهم .. حتى قال ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، وكأن الأمر الأخير هو أعظم كارثة توعد بها الانسان، وهذا بالفعل ما حصل عندما هيمن الشيطان على مجموعة من علماء السوء وأمرهم بالعبث بخلق الله وتغييره فجلسوا على مقاعد الشيطان في مختبراتهم بالشرق والغرب  يعبثون بسلالة الفيروسات ونشروا الأذى في كل بقاع الأرض تلبية لوعود الشيطان، واليوم تدفع الانسانية جمعاء ثمن هذا الانحراف عن تلك الارادة الحكيمة، صحيح بأن العلم نور ولا يمكن لأي عاقل أن يقف أمام التطور العلمي لإسعاد البشرية ولكن بشرط أن يكون هذا العلم متصلا بمصدر النور الأعظم، لا متصلا بحجاب (إنما أوتيته على علم عندي) ولا بحجاب بريق الدولار والزعامة، ولكي تنعم الانسانية بالعافية والسلامة من كل ويلات هذه الدنيا ومصائبها فعليها بتوحيد مصدر العلم ومصدر الإرادة ومصدر الحكمة المتوازنة والتمسك بها وهذا ما سيحصل بحول الله وقوته بعد أن يقود العالم من يصلها بقانون السماء، والله تبارك وتعالى قد هدانا طريقنا كتابا وقائدا، وهو القائل (ولكل قوم هاد)، والبشير النذير صلوات الله عليه قد أوصانا بالثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، والأمن من الضلال ليس مقتصرا على شؤون الآخرة فحسب بل حتى شؤون الدنيا،  وبما أنك أيها الانسان جزء من هذه الطبيعة، فلا تشذ بإرادتك عنها بعيدا بالتحايل الخادع، فإذا كنت بالصيف فكن قريب منه ولا تحول غرفتك وكأنك في الشتاء، وإذا كنت في الشتاء فلا تتحايل على الطبيعة وتحول غرفتك وكأنك في الصيف، ولا يعني ذلك عدم الاستفادة من الأجهزة الحديثة ولكن بمقدار ينسجم مع طبيعة الخارج، فإذا كانت درجة الحرارة في الخارج 40 فلماذا تحول غرفتك إلى 15 وهو يكفيك أن تجعلها 25 . 

وانظر إلى الطبيعة من حولك ماذا أنتجته لك صيفا واجعله جزءا من طعامك لأن جسمك يحتاجه في هذا الوقت، وانظر ماذا أنتجته لك شتاءا واجعله جزءا من طعامك لأن جسمك يحتاجه في هذا الوقت، أما فوضى الطعام في عصرنا الحاضر الذي هدفه اللذة فقط، وتناول فاكهة الصيف في الشتاء والعكس دون مراعاة الحكمة، فإن الانسان سيدفع ثمن سلبياتها، وهكذا بالنسبة للأمراض، فإن لكل بيئة أمراضها ودواؤها وستجدها في نفس البيئة، وإذا تمعنت في هذه الأدوية فسوف تجد فيها ما يمنع تناولها إما بسبب مذاقها أو ريحها أو لونها كي تبقى طوال السنة متوفرة تستعمل عند الحاجة فقط، وإن لأشكال الثمار ومشابهتها لبعض أجزاء الجسم دلالة فائدتها لذلك الجزء من الجسم ينبغي على الباحثين دراستها وهكذا بالنسبة لألوانها، وإذا وجدت أرضك تنتج ثمرة بكثرة فهذا يعني أجسام الناس في هذه المنطقة بحاجة لها أكثر من غيرها، وكلما قرأت الطبيعة جيدا استثمرت فوائدها، لأن الذي أعد برنامجها هو الذي أعد برنامج جسمك، وكلا البرنامجين منسجمين متناغمين في فلك التكامل والتوازن، فتبارك الله أحسن الخالقين . 

✒️ صالح الرستم

الثلاثاء، 21 يوليو 2020

قراءة في كتاب نفسك


معرفة النفس بوابة لمعرفة الله، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (من عرف نفسه فقد عرف ربه)، وبما أن معرفة النفس مقدمة لمعرفة الله التي هي غاية الوجود، فبذلك تكون القراءة في كتاب النفس ومراجعته من وقت لآخر من أهم القراءات ومدخل الخير والبركات . 

السؤال .. كيف تقرأ كتاب نفسك، وهل قراءته سهلة وميسرة؟ 

الجواب .. 

نعم قراءته سهلة وميسرة، لأن الذي يريدك أن تعرفه هو الذي سيعرفك نفسه، ففي دعاء أبي حمزة الثمالي (بِكَ عَرَفْتُكَ، وَأَنْتَ دَلَلْتَنِي عَلَيْكَ ودَعَوْتَنِي إِلَيْكَ، وَلَوْلا أَنْتَ لَمْ أَدْرِ ما أَنْتَ.)، وهو أقرب إليك من حبل الوريد،  وسيريك فضله وإحسانه في كل خلية من خلايا جسدك ومع كل نفس من أنفاسك ومع كل لمحة نظر إلى أحبابك، ومع كل همسة صوت تداعب أسماعك، ومع كل نعمة أنعم بها عليك، وإذا تبلد حسك يوما ما عن هذه النعم فما عليك إلا أن تغمض عينيك وتسأل نفسك ماذا لو استمر بي الحال فمن يُعيد لي البصر؟ وهكذا افعل مع سمعك واغلق أذنيك واسأل نفسك ماذا لو استمر بي الحال فمن يُعيد لي السمع؟ لتعرف بعد هذا التدريب كم هي نِعَم الوَهَّاب عليك، فكلما تعرفت على عجزك دفعك ذلك إلى ربك ليعرفك على صفة من صفاته كي تسد بها ذلك العجز، وبما أن عجزك يلاحقك في كل شيء فكيف لا تحتاج إليه في كل شيء، فجهلك يدفعك إلى إسمه العليم لتسد به جهلك، وفقرك يدفعك إلى إسمه الغني ليسد به فقرك، ومرضك يدفعك إلى إسمه الشافي ليرفع به مرضك، فبعدد أسمائه وصفاته أنت تحتاج إليه كي تتعرف على مدى نقصك وفقرك وحوائجك من جهة ومن جهة أخرى تتعرف على كمالاته التي تستمد منها لسد نقصك وتصلح بها عيبك وتتكامل بها نفسك، فأي نعمة انت فيها أيها العبد المدلل، وكل أسمائه وصفاته قد خلقت من أجلك، ولو بقيت العمر كله تعدد نواقصك وعيوبك وحوائجك وفقرك إليه فلن تحصيها، بل ستلاحقك حتى في عالم البرزخ وفي عالم الآخرة ولن تزال تتعرف على ربك من خلال نقصك ومن خلال عجز نفسك وفقرك إليه، والله تبارك وتعالى اللطيف الخبير بعباده لم يوجد ذلك النقص فيك رغبة بمقدار ما هو جذبة ومحبة، هكذا يؤدب الحبيب حبيبه، وهو القائل في الأثر: عبدي وحقي أنا لك محب فبحقي عليك أحبني، فهل تجد حبيبا أكثر حبا منه، وقد جربتَ أحبابك في كثير من المواقف وقد أسلموك، بينما هو لم يدعك في كل المواقف، لأنه حبيبك الأول وحبيبك الآخر، وإذا ذهبتْ بك الغفلة بعيدا عن شاطيء رحمته، عالجك بلطفه ونبهك ببلية تحسبها ألم ولكنها في الباطن بلسم لتعود إليه، فلا تخف ما دامت الحجب بينك وبينه لم تبلغ بك المهالك ولم تطفءِ فيك قناديل المسالك، ومع ذلك لم يهملك وقد جعل في نفسك رسول ينبهك في الخطرات ويرشدك بالحجج الواضحات، وقد عقد في نفسك محكمة الضمير، لتحاكم فيها صور أفعالك وأقوالك قبل أن تحاكمك هي في عالم الشهود يوم الورود، فيُقال لك: إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، لذا اقرأ كتاب نفسك اليوم جيداً قبل أن تأتي  غدا وأنت تقول يا ليتني لم أوتَ كتابية . 

إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا، ومن ذا الذي أنس بقربك فابتغى عنك حولا... يا من أنوار قدسه لأبصار محبيه راتقة، وسبحات وجهه لقلوب عارفيه شائقة، يا منى قلوب المشتاقين، ويا غاية آمال المحبين، أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلني إلى قربك، وأن تجعلك أحب إليَّ مما سواك . 

✒️ صالح الرستم

الاثنين، 20 يوليو 2020

قراءة في كتاب المجتمع


خلف كل مجتمع خزينة من التجارب والتراث والذاكرة، تحتاج إلى استنساخ حروفها على أوراق الكتب وحفظها لتكون مرجعا تعود إليها الأجيال فيربط حاضره بماضيه وليكون على دراية بتراث الأجداد وكفاحهم، اعتاد الناس أن يقوم شخص واحد أو أكثر من ذوي الاختصاصات العلمية بتأليف كتاب، ولكن هذه المرة نحن أمام طلب فريد من نوعه وهو قيام المجتمع نفسه بتأليف كتبه ومن وحي تجاربه وتراثه وذاكرته، فلو انبرى لهذه المهمة ثلة من الشباب الذين عودونا ابداعاتهم ونشاطاتهم وهمتهم في كثير من المواقع الاجتماعية والتي تعتبر مدعاة للمفخرة ووسام عز تتقلده هذه البلدة الحبيبة بوافر من الشكر والعرفان لهؤلاء الكوادر الرائدة، بحيث تقوم هذه المجموعة بوضع خطة لجمع هذه التجارب مرة مع الفلاحين، كيف كانت الفلاحة في ذلك الزمان وماذا كانوا يزرعون وكيف كانت السقيا؟ ومرة مع أصحاب الحرف الأخرى كالبناء والنجارة والتجارة وغيرها، ومرة مع عمال أرامكو القدامى، ومرة مع التعليم في المطوع والكتاب وكيف كان اسلوب التعليم؟ ومرة مع الطبابة وكيف كانت تعالج الأمراض في ذلك الزمان وما هي أمراضه؟ ومرة مع المدرسين المتقاعدين وتجاربهم التعليمية وتطور أساليبه، ومرة مع الأمهات كيف تحملن أعباء تلك الحقبة بين تربية الأولاد ورعاية الأزواج وتحمل شظف العيش؟ ومرة مع طلاب الحوزة الدينية في تلك الفترة والسيرة التعليمية لسماحة مشايخنا الكرام حفظهم الله، ولا شك بأن باب البحث سيكون مفتوحا لتسجيل كل ما هو قديم من ألعاب ذلك الزمان وأناشيدهم واحتفالاتهم بالأعياد والأعراس والقرقيعان، وبأي حالة كانوا يحيون ليلة الخسوف، وغيرها من المناسبات الأخرى، ولا شك بعد كل هذا الجهد بحول الله وقوته سيكون هناك رصيد لا بأس به من كنوز الذاكرة واستمطار وابل خيراتها لتسقي الحرث وتخضر أوراق الشجر وتزين حقول بساتينها بماء منهمر، بعد أن كانت مخبأة خلف ركام السحاب، ولتحفظ للأجيال الصاعدة مفردات ذلك الزمن الجميل ومصطلحاته ومفاهيمه .   

✒️ صالح الرستم

الأحد، 19 يوليو 2020

قراءة في كتاب الزمن


خلف كل زمان كتاب له مفرداته الخاصة به تختلف عن مفردات كتاب الزمن الآخر في نفس المجتمع الواحد والجغرافيا الواحدة، فمفردات كتاب زمن ما قبل ستين عام تختلف عن مفردات كتاب هذا الزمن، وبعبارة أخرى هناك مفردات ومفاهيم ومصطلحات كانت حية ومتعارف عليها في الكتاب الأول، لكنها ماتت أو اندثرت في الكتاب الثاني، وهناك مفردات ومفاهيم ومصطلحات استجدت في الكتاب الثاني لا يحتويها الكتاب الأول، يعني من عاش زمن الكتاب الأول هم أعراب بالنسبة للكتاب الثاني ومن يعيشون في الزمن الحاضر هم أعراب بالنسبة للكتاب الأول . 

السؤال .. هل نقص المعرفة بتلك المفردات والمفاهيم والمصطلحات لها دخل وتأثير في مسألة التربية والتعايش وأداء الحقوق بين الجيلين ؟

الجواب .. 

بما أن صاحب الكتاب الاول (الأباء) مسؤول عن تربية أصحاب الكتاب الثاني (الأبناء)، وصاحب الكتاب الثاني مسؤول عن أداء حقوق أصحاب الكتاب الأول، فبذلك نعم يكون لنقص المعلومة والمعرفة له تأثير مباشر في المعاملة مع الآخر، لذلك لزم على كل جيل التعرف على مفردات ومفاهيم ومصطلحات الجيل الآخر ليؤدي كلٌ منهما واجبه تجاه الآخر . 

السؤال الثاني .. كيف يتم معالجة هذه المشكلة وكيف يتعرف كل جيل على مفردات ومصطلحات ومفاهيم الآخر؟ 

الجواب .. 

عقد دورات رجالية ونسائية لكلا الجيلين من وقت لآخر، دورة يتعرف فيها الجيل الأول (الأباء) على مفردات ومصطلحات ومفاهيم الجيل الثاني (الأبناء)، ودورة أخرى يتعرف فيها الأبناء على مفردات ومصطلحات ومفاهيم الآباء، أو عن طريق خطباء منبر الامام الحسين عليه السلام وبهذه الطريقة تتقلص الفجوة المعرفية بين الجيلين ويستطيع كل جيل أداء واجبه تجاه الآخر بسهولة ويسر وعلى قدر كبير من التفاهم والانسجام .   

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ( لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم) . ومن خلال هذه الرواية تتضح الصورة اكثر في لزوم تعرف الأباء على مصطلحات ومفاهيم الأبناء .

صالح الرستم 

السبت، 18 يوليو 2020

قراءة في كتابك


خلف كل جمجمة انسان ملايين من الصور والأحرف التي سجلتها عدسة العين أو سمعتها الأذن عبر ثواني السنين وثواني العمر، وبعبارة أخرى أنت أيها الإنسان كتاب تُولد به خاليا ثم تبدأ تجمع فيه ما تريد، بل أنت مكتبة على رفوف عقلك ومكتبة أخرى على رفوف كتفيك، فالأولى لدنياك يقرأها الخلق والثانية لآخراك يقرأها الخالق، وأنت وحدك من يجمعها ويؤلفها ويكتبها ويراجعها، فكلما جمعت فيها الجميل المفلتر والمنتقى على حساب وميزان الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنة، وعملت الجميل على حساب وميزان أيكم أحسن عملا، كلما عظم شأنك وشأن مكتبتك وعلا قدرها في الدنيا والآخرة، يعني أنت تُولد مكتبة برفوف خالية وتموت مكتبة برفوف مليئة، فإذا مررت على مقبرة فأنت في الحقيقة قد مررت على مكتبة او بالأحرى مكتبات، فتعاهدها بالقراءة جيدا، لتراجع بها مكتبتك بعناية قبل أن تكون كتابا على رفها، وانظر ماذا تضع على رفها، فمحتواها سر من رواها .

✒️ صالح الرستم