الاثنين، 25 مارس 2013

مفاهيم عقائدية : العقل قبل النقل – حلقة 3

الحلقة الثالثة :    

باقي التعليقات على الشكل البياني الموجود في الحلقة السابقة : 

6- بما أننا متفقين على جميع المربعات عدا الرابع والله يقول ( فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ) . نرجع إلى المحكم من آيات الله فنجد ذلك في قوله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه ) ، ونرجع إلى الرسول ونسأله هل قلت شيئا في هذا المربع المختلف عليه ؟
الجواب : نعم في قوله المتفق عليه ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) . ولم يقل ( كتاب الله وصحابتي ) .  وقوله المتفق (ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ) ، وقوله المتفق ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) وقوله المتفق ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) . وقوله المتفق عليه (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) صححه الحاكم في مستدركه . وآتينا بالنقل هنا من باب الاستئناس والتأييد بالمتفق عليه .

7- نأتي الآن إلى واقع الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا ونسأل أي منهج طبقت الأمة منهج العامود الأول أم منهج العامود الثاني ؟
الجواب في واقع الحال يقول : إن الأمة هجرت منهج العامود الأول وطبقت منهج العامود الثاني .  

8- نأتي الآن ونسأل الأمة بعد أن طبقتي منهج العامود الثاني ما هي النتيجة .. هل اهتدت الأمة أم ضلت ؟  
جواب واقع الحال وكما يعرفه الجميع وسجله التاريخ النتيجة أن الأمة اختلفت وتنازعت حتى أصبحت آخر الأمم يتخطفهم الناس من حولهم . ولقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه النتيجة حين بشر بإمام آخر الزمان الامام المهدي روحي فداه وقال فيه ( سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملأت ظلما وجورا ) . فبأي سبب ملأت الأرض ظلما وجورا يا ترى ؟
جواب واقع الحال يقول بسبب الاختيار الخاطيء في المنهج وذلك بتعدد الناقلين والمبلغين في الزمن الواحد وعدم عصمتهم .  
وبأي شيء ستملأ الأرض قسطا وعدلا ؟
الجواب : بالعودة إلى الاختيار الصحيح في المربع الرابع من العامود الأول الذي يمثل عصمة وإمامة ووحدة الناقل والمبلغ .

9- المربع المختلف عليه يقع في منطقة الحوار العقلي مما يدل على أن الاختلاف في الأصول لا في الفروع ، والأصل يثبت بالعقل لا بالنقل لأنك من المفترض أنك لم تصل إلى النقل بعد فكيف تستدل بالنقل وأنت لم تحسم أمرك في منهج الوصول إليه . لذا وجب على الانسان أن يعمل العقل في منطقة الأصول لأنه لا تقليد فيها ، فكما آمنت بتوحيد الله عن طريق التدبر والتأمل والتفكر في ملكوته وآياته فكذلك الحال يجب في باقي الأصول إلى أن تصل النقل لكي يكون الاختيار سليم تطمئن له النفس وتكتمل به الحجة عليك ، لأن الاختيار الخاطيء في منطقة العقل سيجرك إلى المنهج الخاطيء في منطقة النقل .    

10- من خلال متابعاتي البالتوكية والمنتديات الحوارية السنية الشيعية والتي طال سجالها بمزيد من التشنج والاحتقان وبنتائج غير مرضية للطرفين تبين لي بأن السبب هو انتقال المتحاورين من منطقة العقل إلى منطقة النقل قبل أن يحسموا أمرهم في منطقة العقل ، لذا وجب على أي متحاورين أن يحسموا الأمر في منطقة الأصول عقلا قبل الانتقال إلى منطقة النقل ليستدل عليه نقلا .

فهل تريد أخي المسلم السني أوضح من هذه الاشارات العشر المذكورة أعلاه وهذه المقارنات الجلية التي تخاطب عقلك الراشد ، فتفكر أخي وتدبر .. تتبصر ..  هذا لاني أحبك .

خاتمة :

هناك ثلاث نقاط للخروج من حالة الخلاف والنزاع بين الأمة :

الأول : لكي يكون الحوار ذو فائدة ونتيجته مثمرة يلزم على المتحاورين أن يحرروا هذه المسألة في منطقة العقل ويحسموا الأمر هناك قبل أن ينتقلوا إلى منطقة النقل ، لأنه من الطبيعي عندما يتعدد النقل يتعدد معه المتبع ، ومن هنا جاءت الاشارة من قبل الله تبارك وتعالى ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) ، وهذه دعوة صريحة من الله تبارك وتعالى في اختيار منهج الوحدة في النقل التي ذكرناها في العامود الأول وقد أثبتنا بالدليل العقلي والنقلي استقامة هذا العامود وهذا المنهج ، بينما نجد في المربع الرابع من العامود الثاني تعدد الناقلين .

الثاني : الرجوع إلى ما اتفق عليه من النقل والاحتجاج به على الآخر لرفع الخلاف ، ومن هنا وجب على مراكز العلم الديني في الأمة سنة وشيعة تكوين لجنة لجمع ما اتفقت عليه الأمة من النقل وجعله كمرجع في حال الاختلاف .

الثالث : قبول حالة الاختلاف كأمر طبيعي في الأمة والتعايش معه مع بقاء باب الحوار العلمي مفتوح من باب التواصي بالحق على المحبة ومن باب كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وفي حال عدم الاتفاق يجب حمل الآخر على الشبهة ولا تكفير مع الشبهة عند الجميع مع الدعاء له برفع هذه الشبهة عنه والدعاء له بالهداية .

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين .

في الحلقة الآتية إن شاء الله سنجيب على السؤال التالي :
هل ترك الله تبارك وتعالى الأمم السابقة بعد أنبيائها بدون أوصياء أم جعل لهم أوصياء يواصلون التبليغ ورعاية الأمة ويمثلون القدوة ؟    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق