الاثنين، 29 يونيو 2020

الى متى ايها الزوجان الكريمان؟!

إلى متى أيها الزوجان تبقون في نجرة؟!! والله يسمع تحاوركما..

إن استمرار المشاكل بينكما أيها الزوجان الكريمان سيسرق عليكما السعادة نهارا جهارا، والأيام التي طواها الغروب لا يُعيدها الشروق، وفي حال انتبهتما متأخرين فمن يضمن لكما السارقيْن المرض والهرم، فإذن عليكما المسارعة بالتخلص حالا من كل ما يعكر صفو حياتكما، والأمر جد بسيط لو استطعتما رصد الأسباب، وسأتلوها عليكما واحدا واحدا وسترون في النهاية كم هي بسيطة .

أولا: اعلما علم اليقين بأن تكوين الأسرة المستقرة الآمنة من أشد ما يغضب الشيطان لأن بناء الأسرة تعني له بناء مجتمع وبناء أمة، لذا فلن يهدأ له بال حتى يعكر صفو هذا الاستقرار مبتدئا برنامجه من النقطة الأضعف من كلا الزوجين أو كلاهما، مستعينا بجنده من شياطين الإنس والجن، فيحرك هذا من جانب ويحرك ذاك من جانب آخر كي يكون الإصطدام أشد وأقوى، (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، بمعنى آخر أنتما بين أمرين إما أن تُدخلا السرور على الشيطان وهو يرقص على جراحكما أو تُدخلا السرور على قلب رسول الله وهو المتهلف على راحتكما، فإذا وضعتما رأسيكما على الوسادة وأنتما بين صراع العقل والهوى، فانظرا أيهما ينتصر، الهدم أم البناء، وإذا لم يتوقف الهدم فمتى يبدء البناء؟!

ثانيا: الأمنيات النرجسية التي كنتما تعيشانها قبل الزواج في عالم الأحلام والخيال يجب التخلص منها حالا ولا بد من النزول إلى الأمر الواقع والقبول به والتعايش معه، فالأحلام التي كنتي تعيشينها أيتها الزوجة مع ذلك الفارس في قصص ألف ليلة وليلة وتلك الحورية التي رسمتها أيها الزوج على رمال الصحراء، فلتتوقف قليلا لتيعشا سويا واقعكما كما هو، لأنه هو الأجمل والأروع لو أحسنتما التعامل معه بحكمة وذكاء .

ثالثا: إن العقد الذي تم بينكما بكلمة الله ومباركة من محمد وآل محمد صلوات عليهم أجمعين، حري بكما أن تقفا له اجلالا واكبارا وتقديرا لعظم المسؤولية وحجم هذا العقد، وفكرا ألف مرة قبل أن تخدشا هذا العقد بمشاكل هنا ومشاكل هناك وتعاملا معها بشيء من التعقل والروية .

أعتقد وكلي ثقة بعد قراءة هذه النقاط الثلاث ووضعها كخطوط عريضة في الصفحة الأولى من جريدة الحياة الزوجية، سيكون كل شيء جليا بسيطا يسهل معه بدء المرحلة الثانية من التفاهم وجميل الإصغاء بين الحبيبين، وهذه المرحلة تعتبر جسر الوصال الأوثق لحل كل المعضلات مهما كبرت وهي الجلوس على مائدة التفاهم أفصح لي أيها الزوج ماذا تريد؟ وأفصحك لك ماذا أريد؟ ويكفيكما فخرا واستبشارا بأن الله تبارك وتعالى هو الذي يسمع تحاوركما وهذا بحد ذاته كاف أن تلين بحضرته القلوب، وبعد هذا التفاهم اصنعا لكما سفينة نوح كي تبحرا بها عبر  كل الأمواج العاتية مستقبلا مهما تعالت وعظمت، وبناء السفينة هو أداء الصلاة بتمامها وكمالها وفي وقتها ولا أقصد أداءها بالركوع والسجود فقط وإنما بحضور القلب ما أمكن في جميع حركاتها، فذلك هو إكسير الحياة، جربا ذلك شهراً وانتظرا النتيجة، ستبهركم حياة ما بعد هذه الصلاة وستكون الأيام غير الأيام والزمان غير الزمان .

ملأ الله أيامكما سعادة وساعاتكما حب وعبادة، ولتحيا كلمة الله فيكما وليخسأ مكر الشيطان عنكما .

صالح عبدالله الرستم
2 ذو القعدة 1441

الجائحة والحماية الجماعية

بعد مرور أكثر من أربعة شهور مع الجائحة تبين جليا للجميع بأن الحماية الفردية لم تجدي نفعا في التصدي لهذه الجائحة أو حصر انتشارها، فكم رأينا من أشخاص قد التزموا بكل تفاصيل الحماية ولكن للأسف نالهم ما كانوا يحذرون، مما اتضح أهمية العمل الجماعي، وتخلف فرد واحد كاف أن يهدم مجتمعا بأكمله، كما هو الحال مع السد وهو يتصدى الفيضان فجميع صخراته الصامدة لا تجدي نفعا وهناك صخرة واحدة قد تحركت من مكانها فألف صخرة لا يمكنها أن تحل مكان تلك الصخرة أو تسد ثغرتها، وهذه الثغرة كافية أن تغرق بلدا بأكمله، وما هذه الجائحة إلا درسا أراد الله تعالى أن يعرف الناس على قيمة العمل الجمعي للأمة، فكونك تقوم بالواجبات على أكمل وجه وتهذب نفسك هذا لا يعني حماية بيتك من خطر الفساد الذي يحوم حوله أو يحوم في مجتمعك أو حتى المجتمعات الأخرى البعيدة من أن يدخل يوما ما إلى دارك، فمن كان يصدق بأن الجائحة التي كانت تحوم في شوارع الصين البعيدة بآلاف الأميال، وإذا بها تحوم اليوم في شوارعنا وبيوتنا .

وبعد أن فشل المختصون في القضاء عليه خرجوا بمقولة تعايش مع المرض، فهل التعايش سيزيل المرض؟! أم أنه تبليد للحس، كما حصل للمنكر حين صمت عنه المجتمع لسنين طويلة وتعايش الناس معه إلى أن تحول المنكر معروفا، وتبلد الحس عنه حتى صار مألوفا، وتمزقت أستار الحجاب في آخرمعقل له حتى أصبح مخطوفا، فهل تعايشنا مع المنكر أزال المنكر؟!  

إذا ما هو الحل يا ترى؟!

الحل في قوله تعالى (وتواصوا بالحق)، سواء كان هذا التواصي لحفظ الجسد أم كان هذا التواصي لحفظ الروح، أما في حال تركنا هذا التواصي لا سمح الله فإن المصير الحتمي هو الخسران المبين شئنا أم أبينا، وقد أقسم الله تعالى على ذلك قائلا (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، فتبين من الآية الكريمة بأن الاستقامة الفردية غير آمنة من الخسارة ما لم تتضمن التواصي الجمعي بالحق، وها نحن اليوم نرى ما حل بالعالم من خسارة فادحة على المستوى الجسدي وقد رصدها الإعلام بالأرقام، في حين خسرت الإنسانية أضعاف ذلك العدد على المستوى الروحي ولكن من غير أن يرصدها الإعلام بالأرقام، وعليه إذا أرادت الانسانية حياة طيبة آمنة فلا بد لها من التواصي بالحق والتآمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المستويين حفظ الجسد وحفظ الروح ولكن بالأسلوب الأجمل والطريق الأمثل في التواصي، فإذا رأيت من أخيك ما يخالف حماية الانسان على المستوى الجسدي أو الروحي فلا تصمت وذكره بالمخالفة ولكن بأسلوب الحكمة واللطف، وبهذه الطريقة ترتقي الحماية الجماعية على المستويين الجسدي والروحي نحو مجتمع أفضل وحياة أجمل وأمان أكثر . دمتم مع دروس السماء .

صالح الرستم 
7 ذو القعدة 1441