الجمعة، 24 يوليو 2020

قراءة في كتاب الطبيعة


توازن الطبيعة العجيب قائم على حساب وتقدير الخالق المدبر لهذا الكون العظيم والمتناهي في الدقة والحكمة، ومن يجيد الاصغاء إليه ويتماشى معه يحصد الخير الكثير، والحكمة ضالة المؤمن، فجمال الصيف بحرارته ورطوبته وجمال الشتاء ببرودته ومطره وجمال الخريف والربيع باعتداله ورياحه، وبما أن جميع الكائنات مندكة ارادتها تحت ارادة المولى عز وجل ومنسجمة معها لذا فهي تحصد فوائد هذا التسليم والانقياد لهذه الارادة، وبقي أنت أيها الانسان الذي وهبك الله ارادة ميزك بها عن سائر خلقه إكراما للهبة الأولى وهي العقل، فالعاقل من جعل ارادته منقادة تحت ارادة المولى عز وجل لأنه أبصر الناظرين وأحكم الحاكمين، ومن شذ بإرادته عن تلك الإرادة الحكيمة فعليه أن يتحمل ويلاتها وخسائرها، وهذا بالضبط ما جنته علينا صرخة التكنلوجيا والعلم المستقل بإرادته عن تلك الارادة الحكيمة كاستقلال قارون بعلمه حين قال إنما أوتيته على علم عندي، وأخذت هذه الصرخة المجنونة تعبث في الطبيعة حتى جاءت بأكبر نكسة وكارثة في وقتنا الحاضر وهو تغيير خلق الله تلبية لوعود الشيطان الذي توعد بها الانسان بقوله (ولأضلنهم ولأمنيهم .. حتى قال ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، وكأن الأمر الأخير هو أعظم كارثة توعد بها الانسان، وهذا بالفعل ما حصل عندما هيمن الشيطان على مجموعة من علماء السوء وأمرهم بالعبث بخلق الله وتغييره فجلسوا على مقاعد الشيطان في مختبراتهم بالشرق والغرب  يعبثون بسلالة الفيروسات ونشروا الأذى في كل بقاع الأرض تلبية لوعود الشيطان، واليوم تدفع الانسانية جمعاء ثمن هذا الانحراف عن تلك الارادة الحكيمة، صحيح بأن العلم نور ولا يمكن لأي عاقل أن يقف أمام التطور العلمي لإسعاد البشرية ولكن بشرط أن يكون هذا العلم متصلا بمصدر النور الأعظم، لا متصلا بحجاب (إنما أوتيته على علم عندي) ولا بحجاب بريق الدولار والزعامة، ولكي تنعم الانسانية بالعافية والسلامة من كل ويلات هذه الدنيا ومصائبها فعليها بتوحيد مصدر العلم ومصدر الإرادة ومصدر الحكمة المتوازنة والتمسك بها وهذا ما سيحصل بحول الله وقوته بعد أن يقود العالم من يصلها بقانون السماء، والله تبارك وتعالى قد هدانا طريقنا كتابا وقائدا، وهو القائل (ولكل قوم هاد)، والبشير النذير صلوات الله عليه قد أوصانا بالثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، والأمن من الضلال ليس مقتصرا على شؤون الآخرة فحسب بل حتى شؤون الدنيا،  وبما أنك أيها الانسان جزء من هذه الطبيعة، فلا تشذ بإرادتك عنها بعيدا بالتحايل الخادع، فإذا كنت بالصيف فكن قريب منه ولا تحول غرفتك وكأنك في الشتاء، وإذا كنت في الشتاء فلا تتحايل على الطبيعة وتحول غرفتك وكأنك في الصيف، ولا يعني ذلك عدم الاستفادة من الأجهزة الحديثة ولكن بمقدار ينسجم مع طبيعة الخارج، فإذا كانت درجة الحرارة في الخارج 40 فلماذا تحول غرفتك إلى 15 وهو يكفيك أن تجعلها 25 . 

وانظر إلى الطبيعة من حولك ماذا أنتجته لك صيفا واجعله جزءا من طعامك لأن جسمك يحتاجه في هذا الوقت، وانظر ماذا أنتجته لك شتاءا واجعله جزءا من طعامك لأن جسمك يحتاجه في هذا الوقت، أما فوضى الطعام في عصرنا الحاضر الذي هدفه اللذة فقط، وتناول فاكهة الصيف في الشتاء والعكس دون مراعاة الحكمة، فإن الانسان سيدفع ثمن سلبياتها، وهكذا بالنسبة للأمراض، فإن لكل بيئة أمراضها ودواؤها وستجدها في نفس البيئة، وإذا تمعنت في هذه الأدوية فسوف تجد فيها ما يمنع تناولها إما بسبب مذاقها أو ريحها أو لونها كي تبقى طوال السنة متوفرة تستعمل عند الحاجة فقط، وإن لأشكال الثمار ومشابهتها لبعض أجزاء الجسم دلالة فائدتها لذلك الجزء من الجسم ينبغي على الباحثين دراستها وهكذا بالنسبة لألوانها، وإذا وجدت أرضك تنتج ثمرة بكثرة فهذا يعني أجسام الناس في هذه المنطقة بحاجة لها أكثر من غيرها، وكلما قرأت الطبيعة جيدا استثمرت فوائدها، لأن الذي أعد برنامجها هو الذي أعد برنامج جسمك، وكلا البرنامجين منسجمين متناغمين في فلك التكامل والتوازن، فتبارك الله أحسن الخالقين . 

✒️ صالح الرستم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق