الجمعة، 12 أبريل 2013

مفاهيم عقائدية : العقل قبل النقل - حلقة 8

الحلقة الثامنة :

جواب الاشكال الذي يقول فيه أخي السني : أنت الآن مثلي فكلانا نأخذ الدين من غير المعصوم فما هو الفرق بيني وبينك ؟

اعلم أخي العزيز بأن هناك حكمان : حكم أولي وحكم ثانوي ، والحكم الأولي في المرجعية الدينية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو القرآن والعترة ، وبما أن الأمة لم تلتزم بوصية نبيها وخالفته وتركت الأئمة عليهم السلام وقدمت غيرهم عليهم بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين قام حكام الجور من بني أمية وبني العباس بملاحقتهم وتصفيتهم بالسيف تارة أو بالسم تارة أخرى إلى أن جاء دور آخرهم فإما أن يقتل كما قتل آبائه وبذلك تخلو الأرض من حجة أو يحفظه الله بالغيبة إلى أن يشاء الله له بالخروج في آخر الزمان لكي لا تخلو الأرض من حجة وليعيد الأمة إلى نهج الامامة التي تركت مئات السنين والتي بها سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملأت ظلما وجورا بغير الامامة ، وفي حال غيابه تحول الحكم الأولي إلى الحكم الثانوي تحول اضطراري وذلك بالرجوع إلى علماء أهل البيت ورواة أحاديثهم امتثالا لأمر الامام المعصوم المفترض الطاعة من قبل الله ورسوله ، وإمام عصرنا الحاضر هو الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف وهو الذي حولنا إلى الحكم الثانوي في غيابه بقوله (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) .
 
وعليه يكون انتقالنا من الحكم الأولي إلى الحكم الثانوي انتقال طاعة وعبادة لأنه امتثال للإمام المفترض الطاعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد آبائه الميامين وأولي الأمر ، كما في قوله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .  

أما أنت أخي السني فقد ذهبت إلى الحكم الثانوي دون أن تأخذ بالحكم الأولي وهذه مخالفة صريحة لوصية رسول الله حين أوصاك بالتمسك من بعده بالقرآن والعترة . فأنت كمن تيمم وهو لم يبحث عن الماء فيكون تيممه باطل على عكس من تيمم بعد بحثه عن الماء فيكون تيممه صحيح ، ومن هنا يتضح الفرق بيني وبينك أخي الحبيب السني كالفرق بين العمل الصحيح والعمل الباطل ، وأنا هنا لا أريد أن أقول بأنك على باطل وأنت قاصد لفعله حاشاك وإنما هي الشبهة التي أدعو الله أن يزيلها عنك وعن كل مسلم ، وأردت أن أذكرك بالمنهج الصحيح الذي أوصانا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من بعده وذلك بالتمسك بالثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته ، والذي لو عملت به الأمة لما آل حالها إلى ما ترى وأرى من تمزق وفرقة وشتات حتى صرنا آخر الأمم مع كثرة عددنا وعدتنا .  

ولتتضح الصورة أكثر لديك أخي السني ، إقرأ معي هذا الحديث المتفق عليه ضمنا لدى السنة والشيعة وهو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من مات ولم تكن في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) .
 
أسألك بالله أخي العزيز : المسلم في أمريكا الآن لمن تكون بيعته لـ .. ( أوباما ) ؟!! والمسلم الذي في الصين وألمانيا واستراليا لمن تكون بيعته .. للحاكم الكافر؟!! ، وحتى في دار الاسلام تعال معي نسأل الذي مات في أحداث الربيع العربي لمن كانت بيعته وقد أحل بيعته من حاكمه الجائر ، فهل مات وليس في عنقه بيعه لأحد فمات ميتة جاهلية ؟ .   وقبل حل البيعه كيف كانت بيعته له .. هل بايع حاكم جائر؟!! .. معقول رسول الله يوصينا بأن لا نموت إلا وفي أعناقنا بيعة ولو كان الحاكم جائرا .

فكر أخي وانظر لمن تكون بيعتك له ، لأن الله تبارك وتعالى يوم القيامة سيدعو كل أناس بإمامهم ، فلا يكونن إمامك إمام جور وفسق وضلال ومنتهكا لحرمات الله .. وحاشا لرسول الله أن يوصيك بأن تجعل بيعتك لمثل هؤلاء .  

أما أخيك الشيعي فليس لديه مشكلة سواء كان في الصين أم في تورا بورا أم في جزر المالديف ، أو عاش في عصر يزيد أو في عصر المأمون والأمين وهما يقتتلان . لأن إمام الزمان هو واحد وإن تعدد المكان وإمام زماننا اليوم أينما كنا هو الامام المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر الزمان وقال فيه بأنه سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملأت ظلما وجورا .

فأعد النظر أخي السني وتفكر .. ولا تنس وصية نبيك في اتباع عترة نبيك ، وإياك أن يغرر بك أعداءهم وحاسديهم أو من كان على شبهة من أمره ومنهجه ، فترسب في الامتحان كما رسبوا .

في الحلقة الآتية إن شاء الله سأعرضك لك ماذا سيكون حال الأمة لو أنها بايعت العترة واتبعتهم ، إلى ذلك الحين أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .   

محبك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق