الجمعة، 21 يونيو 2013

وجه التشابه بين أمتين 6

الحلقة السادسة :  

لعل الجميع سمع بالحديث المشهور والمجمع عليه لدى الفريقين ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) ، ولكن هناك أحاديث غيبت أو أريد لها ذلك :

* عن علي بن مجاهد في تاريخه مسنداً، قال : قال النبي «صلى الله عليه وآله» عند وفاته لعلي «عليه السلام»: ( أنت مني بمنزلة يوشع من موسى ) .

* وفي حديث آخر عن أنس بن مالك قال: قلنا لسلمان الفارسي، سل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من وصيه؟ فسأل سلمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: من كان وصي موسى بن عمران؟ فقال: يوشع بن نون قال: إن وصيي ووارثي ومنجز وعدي علي بن أبي طالب ) . سبط ابن الجوزي: نفس المصدر - ص 43 - والمحب الطبري: والرياض النضرة - ج 2 ص 178. - وأيضا ابن المغازلي، الشافعي المناقب - ص 141.

وكثير من إخواننا أهل السنة والجماعة أنكروا بأن حديث المنزلة في هارون دلالة على الإمامة مبررين ذلك بأنه لو كان رسول الله يريد به الإمامة والخلافة لقال له: أنت مني بمنزلة يوشع من موسى ، لأن الذي جاء بعده هو يوشع وليس هارون لأنه مات قبل أخيه موسى .
أقول : ماذا لو أن هارون عاش بعد أخيه هل كان غيره وصيه ؟ وهل على الموت معتب وهو للتكليف مانع؟! .. صدقوني من يلتمس الأعذار فلن توقفه الأعذار.. لأن المسألة مرتبطة بمنهج  فمن تبنى منهج الاقصاء لأهل البيت عليهم السلام وتقديم غيرهم عليهم ، فجميع الروايات والأحاديث ستكون سجينة ضمن هذا المنهج ، فأي حديث يخالف هذا المنهج يضطر صاحبه إما إلى التأويل أو التضعيف أو أي شكل من أشكال الإسقاط كي لا يصتدم مع منهجه المختار فيصيبه الاضطراب ويختل معه كل متعلق بذلك المنهج ، وهنا يكمن سر الابتلاء واجتياز العقبة وبه يختبر إيمان الرجال . وما أشده من ابتلاء وامتحان ، رسب فيه الكثير ولم يجتازه إلا القليل .

وإلا فحديث المنزلة في هارون كافي للانسان المجرد من قيود التعصب ، لأن حديث المنزلة له تكملة تثبت به مقام الخلافة والامامة ولكن الأمويون ومن دار في فلكهم عمدوا إلى حذف هذه العبارة وهي:( إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي ) .. علما بأن هذا الحديث وبهذه العبارة صححه الحافظ الذهبي المروي عن ابن عباس بأنه قال : وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تبوك فبكى علي، فقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وقال له أنت ولي على كل مؤمن بعدي ومؤمنة... صحيح . تلخيص الحافظ الذهبي على المستدرك - ج 3 - ص 133 - 134 . ونص الحديث ذكره أحمد في مسنده ج 1 - ص 33.

ناهيك عن هذا الحديث الذي أورده الذهبي في أحوال شريك .. أخرج محمد بن حميد الرازي، عن سلمة الأبرش، عن ابن إسحاق، عن أبي ربيعة الأيادي، عن ابن بريدة، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « لكل نبي وصي ووارث، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب .
وقد حاول جاهدا أن يضعف الراوي محمد بن حميد الرازي مع العلم أن أحمد ابن حنبل والبغوي والطبري وابن معين وثقوه فلا وجه للتضعيف .

وفي رواية أخرى .. قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : دخلت على رسول الله «صلى الله عليه وآله» في غمرات الموت، فقلت: يا رسول الله هل أوصيت؟ قال: يا سلمان أتدري من الأوصياء؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: آدم، وكان وصيه شيث، وكان أفضل من تركه بعده [وكان] من ولده، وكان وصي نوح سام، وكان أفضل من تركه بعده، وكان وصي موسى يوشع، وكان أفضل من تركه بعده، [وكان وصي سليمان آصف بن برخيا، وكان أفضل من ترك بعده]، وكان وصي عيسى شمعون بن فرخيا، وكان أفضل من تركه بعده، وإني أوصيت إلى علي، وهو أفضل من أتركه من بعدي .

وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما أنزل الله تبارك وتعالى: ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) ، والله لقد خرج آدم من الدنيا وقد عاهد قومه على الوفاء لولده شيث، فما وفي له، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه سام، فما وفت أمته، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه إسماعيل، فما وفت أمته، ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه يوشع بن نون، فما وفت أمته، ولقد رفع عيسى بن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيه شمعون بن حمون الصفا، فما وفت أمته، وإني مفارقكم عن قريب، وخارج من بين أظهركم، وقد عهدت إلى أمتي في علي بن أبي طالب وإنها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي وعصيانه .

ماذا تريد أخي السني أكثر من هذا الوضوح ، لكن مع هذا سأورد لك أخي العزيز مجموعة من أوجه التشابه الدقيقة بين وصي موسى يوشع ابن نون عليهما السلام ووصي رسول الله علي ابن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام في الحلقة الآتية إن شاء الله تعالى ، لعلك به تراجع أو يكون عليك من بلوغ الحجة زاد نافع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق